السلام عليكم
أنشر هذا المقال بعد أن كتبته منذ مايقرب من عام. ولكني كنت مترددة كثيراً، هل سأستمر على أن أضف لحياتي وأجعلها تُثمر. هل سأظل تلك الأم الهادئة؟ تلك الصفة البعيدة كل البُعد عن طبيعة شخصيتي! هل سأعود لشبكات التواصل الإجتماعي وأدمنها مرة أخرى؟
ولكن مادفعني لنشرها أخيراً هو نجاحي بفضل الله في مقاطعة الفيسبوك لأكثر من ٥ أشهر لأجل غير مُسمى بإذن الله. فقد ألهمتني صديقتي أميرة محمد لأنها منقطعة عنه منذ ٤أكثر من سنوات!
والشيء الأخر الذي دفعني لنشر هذة المقالة هي متعة البساطة والإستمتاع بالحياة مع أسرتي. تقبل فشلي أحيانا، إخفاقاتي الكبيرة جدا مع طفلي، ونجاحاتي الأكبر.
وكل هذا بسبب البُعد التام عن شبكات التواصل الإجتماعي.
بسم الله.. ها هي المقالة 🙂
في عصرنا الحالي، حيث الالكترونيات الكثيرة، وإدمان مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أنفسنا نتوه في وسط كل هذا لنمضي وقتنا فيه، بلا هدف .
نعلم أننا نسعى لتضييع الوقت فقط، يمر يومٍ وراء يوم، تمر السنون لنجد أنفسنا لم نستثمر إلا قليلٌ فقط من وقتنا .
أصبحنا أمهات، فنجد أنفسنا منشغلين بأطفالنا والواجبات المنزلية، وعندما نريد أن نستريح، نهرب إلى هواتفنا الذكية من متابعة لهذه والرد على هذا، لمشاهدة هذا الفيديو وغيره، أصبحنا مهووسون بشتى هذه المواقع من فيسبوك إلى إنستجرام واليوتيوب وغيرها. ولهذا فإننا نعطي أطفالنا إلهاءات كالتي نستخدمها حتى يتركوننا وشأننا ! فنجد طفلًا لم يكمل عامه الأول يمسك بهاتف ليشاهد كارتون لا يفهمه أصلًا !
وهناك طفل آخر قد أدمن التلفاز حتى أثَّر سلبًا على لغته فتأخر في الكلام، بدلًا من أن نخلق لأطفالنا جوًا أفضل كي يتعلموا هذه الحياة الجديدة وينمو، نأخذهم معنا حيث لا نعلم .
ولكن دعنا نتذكر طفولتنا ؛لم تكن تضج بكل هذه الاختراعات الالكترونية، كنا نجري ، نلعب ، نقفز ونتسلق ؛ نلعب مع القطط في الشارع، نساعد والدتنا في المطبخ . كان هناك وقت محدد لمشاهدة التلفاز بل وقليل جدًا ، أذكر انه لم يكن له قدر في أعوامنا الأولى نهائيًا .
قد وقعنا في أزمةٍ حقيقية ولكن المشكلة أننا لا ندرك تأثيرها ! فالمشكلة ليس ما يواجهه أطفالنا بسببنا، بل المشكلة هي نحن .
نضيع كل هذا في أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع !
لماذا لا نستثمر أوقاتنا في ما يفيدنا بصدق ؟
أشياء نتعلمها ونستفيد منها لأنفسنا ولنفيد غيرنا، وليس تقليدًا لشخصيات مشهورة على شبكات التواصل الاجتماعي .
عندما نفكر في الالتحاق بكورس تعليمي، فغالبا يكون مُرشح من قبل الانترنت، وعندما ننبهر بشيء يخص التربية، يكون في الأغلب مونتيسوري أو والدروف، وذلك لأن أغلب المشاهير يتبعونه. وعندما نتوجه للتعليم المنزلي يكون ذلك بسبب انبهارنا بمدونات أو أمهات معروفة بشبكات التواصل الاجتماعي قد اتبعوا هذا النظام، ومن ثم عند تنفيذه نجد أنفسنا تائهين !
لا نفكر إن كنا حقًا نحتاج أن نسلك هذه الطريقة؟ أو إن كان هذا المنهج التربوي مناسب بالفعل لطبيعة شخصية طفلي وشخصيتي؟ وهل بالفعل تشربنا فكرة التعليم المنزلي بما فيه من إعطاء الطفل مساحة حرية كبيرة وتتبع مستمر لشغفه؟
ومع كل هذا الزحام ننفصل عن واقعنا ولا نتحمله، لا نعير أطفالنا الاهتمام اللازم، ولا نشعر باللحظات الثمينة معهم . بل نكون مضغوطين جدًا بكل هذا الزخم ، ذلك ما يحولنا لأمهات عصبية لا نستطيع الصبر على أطفالنا وعلى نموِّهم وتعليمهم ..
قد وقعت في هذا الفخ كثيرًا .. وأخاف بشدة أن أقع فيه مرة عاشرة بعد ان انتشلت نفسي منه مؤخرًا ..
أردت أن أكتب هذه التدوينة حتى أشارككم كيف استطعت بفضل من الله ثم بفضل بعض العوامل التي قد سعيت فيها لأتغير ..
منذ أن بلغ ابني عامه الأول وصار نموه سريعًا جدًا كبقية الأطفال في عمره؛ مشي ثم قفز وجري ، رغبة في فعل كل شيء وتجربة كل شيء بنفسه ( هذا طبيعي جدًا بالمناسبة ولكنه كان صادم في البداية ) ..
زخم شبكات التواصل الاجتماعي الذي قد شرحته سابقًا قد نال مني ( وذلك بغض النظر عن عدم انخراط طفلي في الالكترونيات مثلي بفضل الله ) ..
قد جعلني هذا الزخم متوترة وجعلني عصبية، بدأت بالصريخ ، أحيانًا يشتد وأحيانًا أخرى أتصرف تصرفات خاطئة . كنت أشعر بتأنيب ضمير شديد، وكانت الفترة التي قد تغيرت فيها بصدق عندما قاطعت شبكات التواصل الاجتماعي !
قد شرحت التجربة في هذا المقال :
ولكني للأسف عدت للإنترنت بعدها، عُدت لعدم الصبر والعصبية .
لكن أخطائنا المتكررة تُفيقنا لنسعى أكثر وأكثر للتغيير ..
بحثت وسعيت ، تحدثت مع أناس مختلفين ، أخذت وقتا طويلًا حتى أصل .. ما يقرب من السنة من البحث والسعي بلا تغيير حقيقي .. حتى صادفت موقع نماء شام ..
وإليكم ما غيرني بل وكيف غيرني ..
ادعوا لي بالإستمرار
نصحتني العديد من صديقاتي بأخذ هذا الكورس البسيط جدًا ، لا يستهلك من وقتك سوى ثلاثة أيام ، قلم و أوراق ، وبعض الوقت للقراءة والتفكير .
ما يميز هذا الكورس أنه عرَّفني على نفسي أكثر وأرشدني إلى كيفية تنظيم وقتي أيضًا ، فطبيعتي لا تحب الروتين ، ساعدني في تحديد الأهداف ومرونتي في تغييرها ، جعلني أنظم أولوياتي؛ ألا أزحم حياتي بالكثير من الأهداف، ولكن القليل من الأهداف الدائمة التي بمقدوري تنفيذها، أهم من كثرتها التي بمثابة الضغط النفسي مما تجعلني لا أنفذها ..
تعلمت أيضًا أن أكون مرنة ، وأن أتقبل طبيعة شخصيتي في حب تغيير بعض الأهداف الصغيرة على الطريق، أو ببساطة تأخيرها لوقت آخر، لأن بطبيعة الحال تتمركز أولوياتي حول طفلي وأسرتي وسعادتي معهم أهم بكثير لصحتي النفسية وكذلك لهم ..
ولمتابعة التخطيط ساعدني أجندة خاصة كتلك التي تبيعها مفكرة او سبايس.
قررت مقاطعة الفيس بوك وبقية شبكات التواصل الإجتماعي ، نصحت “نماء” بمقاطعته لمدة ثلاثة أشهر ، ولكني قاطعته شهرين كاملين بلا أية مخالفة ، فعندما احتجت بشدة لمعرفة شيء ما ، طلبت من زوجي أو صديقة لي مساعدتي في البحث عنه ..
وكان مافعلته الآتي؛ سجلت خروجي من الحاسوب وأي متصفح قد دخلت منه، قمت بحذف جميع أيقونات التواصل الإجتماعي ، ماعدا أيقونة ” الواتس أب ” وذلك لأهميته في التواصل مع أفراد أسرتي ، ولكني قمت بحذف جميع المجموعات التي تشتت تركيزي وتشغلني عما أفعله ..
ولكني عندما عدت إلى الفيس بوك تمنيت أني لم أعد إليه!
نصحتني أخصائية نفسية أن أتجاهل كل ما يستفزني في هذا الصرح وأشباهه وما قد يكون سببًا في إرهاق حياتي .
عند نشر هذة المقالة فأنا أغلقت الفيسبوك منذ أكثر من خمسة أشهر، لأج غير مُسمى بإذن الله
كثرة الكراكيب وتكنيز أشياء لا فائدة منها، تسبب لنا التوتر في حياتنا، ويصبح الأمر صعبًا خاصة مع الأطفال .
فتشي عن أشياء تعرفين جيدًا أنكِ لن تستخدميها مرة أخرى واعطيها لمن يحتاجها ، قسمت ألعاب طفلي إلى ثلاثة أجزاء؛ جزء مهم يلعب به حاليًا، جزء أحتفظ به لوقت آخر يهتم به أو لطفل جديد يومًا ما، والأخير للجمعيات الخيرية .
في المطبخ احتفظت فقط بما أستخدمه وما دون ذلك أعطيته لمن يحتاجه أكثر مني .
قمت بفرز مكتبتي الكبيرة وبعت أغلب الكتب التي أعلم جيدًا أنها لا تثير اهتمامي .
ملابسي ، تخلصت من العديد من ملابس السهرات ولم أعد أحتفظ إلا بإثنين، قمت بفرز ملابسي فتركت ما أرتديه بكثرة وأعطيت غيري البقية .
( يمكنكم القراءة أكثر عن هذا المصطلح والبحث أيضًا عن Minimalism & No Waste life )
أكبر مشكلة قد واجهتها كانت علاقتي مع ابني .
على الرغم أن علاقتي معه في العموم رائعة ، إلا إنني كنت متوترة وبدأت فقدان أعصابي خاصة في الفترة الأخيرة.
شجعتني مقاطعة مواقع التواصل الإجتماعي على العودة لهواية كنت أعشقها في فترة مراهقتي وهي القراءة .
قرأت كتابًا رائعًا أنصح به كل من لديها طفل أصغر من ثلاث سنوات، هذا الكتاب اسمه
( Positive Discipline the first
للكاتبة صاحبة المنهج الشهير چين نيلسن، أنار الكتاب بصيرتي نحو متطلبات طفلي وجعلني أدرك مقدرته العقلية أكثر حتى لا أضغط عليه في شيء، ساعدني أكثر أن أصبر على تعلمه وأن أستمتع بحياتي معه.
متابعة صفحات تربوية، تشبه بوجود لمبات منيرة في عقلي ولكنها مشتتة ومتباعدة، ولكن بعد قراءة هذا الكتاب أدركت أن قراءة الكتب تنير هذه اللمبات ولكن الأهم أنها تصلها ببعضها البعض حتى تكون صورة كاملة .
بعد قراءة كتابين في التربية ، شعرت أن الله سبحانه وتعالى قد أعاد لي شغفي في القراءة ، فقررت أن أستزيد وأستمر وأن أجعل ذلك ما يُشغل وقتي .
السعي بعيدًا عن الله لا يوصلنا إلى شيء ..
يجب أن نتذكر أننا خُلقنا لعبادة الله وتعمير الأرض وأن تدور جميع أهدافنا حول هذا الهدف الرئيسي الذي خُلقنا من أجله .
ولكي نفعل ذلك يجب علينا السعي لتقوية علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى. ولذلك بعد إنهائي لكتاب التربية قررت أن أقرأ كتب تجدد الإيمان في قلبي وبدأت بكتاب ” اليوم النبوي ” ل عبدالوهاب الطريري . قررت أيضًا أن أسعى في عباداتي بنية إصلاح علاقتي بالله سبحانه وإصلاح حالي مع طفلي .
أخذت دورتين مع منصة شيخ العمود، حيث أتاحوا لنا أن ندرس مع هذا الصرح الرائع دورات اونلاين يتابعونا فيها وندخل في إختبارات كي نأخذ شهادة إتمام الدورة.
شاهدت بعض حلقات من دورات المفكر المتميز أيمن عبدالرحيم، حلقات “بين دفتي كتاب”، البيت المسلم، دورة تأسيس وعي المسلم وغيرها.
القيام بأشياء حقيقية لسعادتي النفسية ، بجانب القراءة مثل الرياضة مرة إسبوعيًا على الأقل .
في بعض الفترات كنت ألتزم بالتدريب على رياضة أحبها كالملاكمة مع مدربة متميزة، وكنت أذهب مرتين إسبوعيا. أحيانا أخذ صالح معي وأحيانا اتركه مع أباه أو أمي.
وفي فترات أخرى لا أشعر بالرغبة في الرياضة ف أتوقف أيام أو إسبوعين، وأحاول أن اتدرب في المنزل أو اتمشى عالبحر او لا شيء.
نصحتني أيضًا أخصائية نفسية أنه إن لم أجد أي وقت لنفسي ، فعلى الأقل أشرب مشروب دافيء في هدوء أو أمنح نفسي ربع ساعة استرخاء يومياً، وقت لي فقط ..
أين لك بكل هذا الوقت؟
لم أقل أني أفعل كل ذلك يوميا، هناك أيام لا أفعل شيء غير أني أستمتع بالخروج مع ابني أو أقوم بترتيب منزلي .
وفي المقابل هناك أيام أخرى أنعم بنوم ابني المبكر، حيث يترك لي ثلاث ساعات في المساء أستطيع أن أقسمهم لقراءة كتاب أو أخذ كورس مثلًا .
استغل قيلولته في بعض الأحيان ، والبعض الآخر لا أجد وقت، أو أكون متعبة و لا افعل شيء علمي .
أما عن وقتي مع ابني ف أقضي يومي معه في الخروج أو المكوث في البيت نطبخ سويًا أو نرتب البيت سويا ونلعب بمجسمات الحيوانات، الصلصال، التلوين أو نجري او نقرأ الكثير من الكتب الخاصة به 🙂 اللهم بارك ..
للمزيد عن القراءة للأطفال أقل من ٣ سنوات اقرأي هذة التدوينة:
و مؤخرا منذ أسبوع فقط أقتنعت أن يذهب طفلي ذو الثلاث أعوام لحضانة مرتين إسبوعياً لكي أمضي بعض المشاوير أو أأخذ قسط راحة لنفسي. وهذة كانت أول مرة اتركه في مكان بدوني أو والده او والدتي. ولكنه تقبل الموضوع بل وأحبه اللهم بارك. رغبتي في الحضانة ليست تغييرا عن مسارانا في التعليم المنزلي او رغبة مني لكي يتعلم منها شيء أكاديمي. ف عندما ذهبت أول مرة تحدثت مع المديرة أن رغبتي الأساسية هي أن يستمتع طفلي بوقته ويكوّن صداقات، وإنني لا أهتم بالتعليم الأكاديمي نهائيا وكل ما يهمني أن يقضي طفلي وقت جيد. الشيء الأخر أنني أخترت حضانة نسبياً بها بعض المعايير التي تهمني كعدم الإحتفال بالأعياد الغربية وغيرها من العادات الشاذة.
دعواتكم بتيسير الأمر.
ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال .. فهل سيفيد غيري كما فكرت ؟ هل سأساعد أُم كانت مثلي تمسك بهاتفها وتتصفح فيه ساعات طويلة لأنها تشعر بالملل والإدمان سيطر عليها بشدة فهي لا تستطيع أن تقف في المطبخ بدون هاتفها؟ لا تستطيع أن تأكل قبل تصوير الطبق! لا تستطيع أن تستمتع بالخروجة بدون صور مثالية للمشاركة مع الأغراب على وسائل التواصل الاجتماعي؟!
كنت أريد التغيير فأكرمني الله به، ولذلك أحببت أن أشجع كل من تريد هذا التغيير . ونحن هنا ندعم بعضنا البعض لكي نكون إيجابيات بصدق وليست أقوال مثالية نكتبها على الفيسبوك وهي مفرغة من محتواها بالنسبة لنا، لأننا ننتظر الإعجابات أكثر من أي شيء أخر!
توضيح هام.. كتبت هذا المقال منذ ما يقرب من عام، وعدلت وأضفت في إنجازاتي في هذة الأشهر الطويلة، فهذا ليس مقال للتباهي أو إثارة غيرة أحد. وأعترف وبشدة أن لي أخطاء مستمرة مع طفلي ليست بصغيرة، وأنه يمر علي أسبوع وأكثر بلا إنجازات عملية، ولكن يكون أيام لعدم التعجل في شيء، والتعايش كأم وزوجة وربة منزل وإنسانة مسلمة وفقط
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص، ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا 🙂
يمكنكم التواصل معي هنا من خلال التعليقات
مبسوطة جدااا بالمقال وفى بالى علطول لما بتزنق وانا بفكر فى حاجه لمعاذ بحترم رايك جداا
الله يحفظك ويثبتك ويدبرلك امرك
مقال رائع .. ربنا يبارلك فى وقتك و فى ابنك