تجربتنا مع الفطام

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات



أكرمني الله أن فطمت ابني صالح، فطاما تدريجياعند إتمامه العامين بفضل الله... وأحببت أن أشارك معكم تجربتي بكل جوانبها من نجاح وإخفاق لتستفيد كل أم قلقة بشأن هذا الموضوع 
الشائك...

من بداية الرضاعة
من ميلاد طفلي وتركيزي عالرضاعة الطبيعية وكل شيء أسمعه او اقرأه يتكلم عن طرق تعويد الطفل عن البعد عني، تمهيدا للفطام! ما لا افهمه، لماذا امهده للفطام وأنا قد بدأت أن ارضعه من الاساس؟! لماذا اشغل بالي واصارع فطرتي وفطرته في التعلق من اجل شيء قادم لا محالة!

لا تعوديه على حضنك، لا ترضعيه ليلا، ادخلي الاكل مبكرا، اجعليه يتعود عاللبن الصناعي او البقري بعد عام!

في البداية كانت تساورني الشكوك .. لكني تركت نفسي وطفلي لفطرتنا.

استمتعي بالرضاعة:
أهم شيء جعلني استمتع بأمومتي وبالأخص الرضاعة، هو تقبلها وحبها.

لماذا اكره أن الله خلق كائن صغير هش (لا يفقه ولا يفهم مثلنا) أن اعطيه ما يريحه؟ لماذا لا أفهم أن هذا الصغير يريد الطمئنينة بشكل كبيييير جدا، ويريد غذاء قويا من صنع الله لا يستطيع أحد أن يجعله ينمو ويكبر ويبني مناعته مثل هذا الغذاء المفيد لجسده وعقله وكذلك لعاطفته.

احيانا نستغرب طفلنا بعد بلوغه العام ولا نفهمه، تبدأ علاقتنا بالتباعد والتوتر، ومن اهم الاسباب لذلك تعود لعدم بناء علاقة عاطفية قوية تبدأ من الرضاعة وما بها من احضان وقبلات وشيل ونظرات في العين وتواصل لا ينتهي.

بفضل الله أحببت الرضاعة من البداية وقاومت كل المتاعب التي أتت معها وعشت اصعب شهرين اول الولادة من آلام شديدة في صدري تجعله مثل الحريق، ساخن وملتهب. امشي منحنية، والرضاعة تشعرني أن لسان ابني شفرة تسلخ صدري كلما رضع. بحثت عالانترنت وذهبت لأخصائية رضاعة وعشت تناقضات بين قولها أن ارضع ابني عند الطلب وبين طبيب الأطفال الذي تسبب في مشكلتي الذي كان يقول نظمي الرضاعة! وصلت لمرحلة ان حرارتي ارتفعت جدا اكثر من مرة وركبت كانيولا في يدي لمدة اسبوع لان كان لدي التهاب، كان من الممكن ان يتحول لصديد لولا ستر الله. ومع ذلك استمر الألم، ولم يسعفني غير الدعاء والسعي. وبعد أن طهرت ابني متأخرا بعد شهرين، رضاعته قلت مدتها ومع هذا شفا الله صدري!

بدأت أن اتعايش مع حياتي الجديدة بساتر الرضاعة، وارضع ابني عند الطلب في كل مكان وكل وقت، وبعد فترة تفككت من عندي عقدة "نيميه في سريره" وبدأ أن ينام بجانبنا و بدأنا الرضاعة في وضعية النوم التي اراحتني جدااا.

تقبلت الرضاعة الكثيرة اثناء الليل. تقبلت انه قد يصحو ٦ مرات أو اكثر، وتعايشت مع ذلك بحب وتقبل ولم اشعر ان نومي يتأثر لانني مسترخية ولانني كنت انام بعد نومه بمدة بسيطة.

الطاقة السلبية هي التي ستجعلك تشعرين بأضعاف تعبك من الرضاعة، والطاقة الايجابية هي التي ستجعلك تستمتعين بها!

استمتعي بكلمة "رضاعة" منه طلبا لها، او مشاورته باصبعه الصغير رغبا في قسط من الطمأنينة.

استمتعي بكل مرحلة في حياتك وتقبليها واحبيها. ليس هناك وقت مثالي، إن كنتِ تتوقعين المثالية دائما فأعلمي أن لا شيء سيرضيكي مهما حدث.

طالما اخترتي أن تنجبي طفلا تعلمي أكثر عن كونك أم واتركي نفسك لفطرتك.. هي التي ستوجهك للراحة والسعادة بأمومتك

اقلمي حياتك على هذا الجديد ^^ اخرجي وابحثي عن هواية لا تشغلك كثيرا ولكنها تشعرك بالفرحة والانتعاش والاهم تشعرك بالانجاز والاضافة للمجتمع.

تدريج الفطام.
كنت قد نويت من بداية ولادة طفلي أن أفطمه عند بلوغه العامين او بعدها بقليل.. وبالفعل قرب يوم مولده بشهرين بدأت بهذا.
بسبب خروجنا كثيراً (في اماكن مفتوحة من حدائق وغيرها مناسبة له) وجدت أنني ادرج الفطام بدون قصد مني، وبدأت الرضاعة النهارية تتقلص اثناء خروجنا، بل انه كان لا يطلبها وكنت أنا من أعرض عليه أن يرضع.
ايضا عندما كان يطلب الرضاعة مرات متتالية اثناء تواجدنا بالمنزل،  كنت الهيه بشيء يحب أن يأكله او بلعبة يحبها، ولو كان مصمم كنت اعطيه ببساطة.

روتين النوم:
قبل أن اتطرق للفطام الليلي. فنصيحتي لكي أن يكون هناك روتين للنوم، وهذا ما يساعد الطفل أن ينام بهدوء وسكينة ويتقبل لحظة النوم ولا يكرهها بل يكون متشوق لها.

كيف هذا؟ بفعل أنشطة هادئة يحبها ، تهديه وتمهده للنوم.
في حالتي : نأكل زبادي او شيء خفيف، نغسل أسنانا، نغير الحفاض، يختار القصص التي سنقرأها بنفسه، ندخل السرير ونبدأ في قرائتها، احيانا كان ينام قبل اتمام القصة. (والآن بعد ٤ أشهر من الفطام فنحن نتفق على عدد قصص محدد ونتفق على غلق النور، في البداية كان يبكي قليلا ثم تقبل الفكرة لأننا نستكمل حكي القصص وقراءة القرآن وغيره في الظلام حتى ينام.

الفطام الليلي:
قبل بلوغه العامين بشهر ونصف قررت أن اتوقف عن الرضاعة أثناء النهار، وللأسباب السابقة الأمر كان في غاية البساطة.
ولكن كنت خائفة جدا من رضاعة النوم.

بعد شهر من تدريج منع الرضاعة النهارية، بدأت أن اعمل روتين يومي قبل النوم، من قراءة قصص بعد العشاء وغسل الاسنان والغيار وشرب الماء.

بسبب حب ابني للقصص بفضل الله، كنت اختار قصص مشوقة، وكنا نحكي لمدة نصف ساعة مثلا، وكان يحارب النوم، ثم امثل انني نائمة وطبعا كل هذا وهو يعافر ويحاول ان يوقظني بالعنف ^^ ثم اقول له ان يتوقف واننا سننام. ولأنني كنت اترك نورا بسيطا في الغرفة ذلك ساعدني ان لا يطلب الرضاعة اول يوم، وبالفعل بعد فترة قد تصل لساعة ونصف نام بدون طلب الرضاعة.

الامر نجح يومين متتاليين، ولكن في اليوم الثالث بكى وطلب الرضاعة ولم استطع رده، لانه بالفعل كان يرضع في وسط الليل من مرتين لثلاثة. في اليوم الخامس عدت لتلك الفكرة، وكان عندما يصحو يبكي كثيرا شاعرا انه لا توجد رضاعة، كنت لا اعرض الرضاعة واحاول ان اخذه في حضني ولكنه كان يرفض ويستمر بالبكاء ولكنني كنت ابقى بجانبه حتى يطلب  الرضاعة وكنت ارد اول مرة بحلول بديلة كماء او قصة او حضني، ولكن عندما يستمر كنت اعطيه. في بعض الاوقات كان يستيقظ في منتصف الليل ولا يرضى أن ينام حتى بالرضاعة ويبقى مستيقظا لمدة ساعتين!

اخر يوم نام متأخرا جدا، ومن شدة تعبه لم يستيقظ اثناء الليل. واستيقظ الساعة التاسعة صباحا طالبا الرضاعة فلم اجيب الا بعد عدة مرات بأنه خلاص الرضاعة خلصت حبيبي ، بدأ يبكي قليلا ويطلبها ثم سكت وحاول ان ينام ثم عاد ليطلبها ثم عرضت له ان يشرب الماء، فشرب، ثم قلت له يلا ناكل كمثرى، فوافق وقام من السرير، وهكذا مر اكثر من ٢٤ ساعة بدون رضاعة بفضل الله وكرمه :)


ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ

بعد هذة النهاية السعيدة السهلة اليسيرة، تفاجأت بتقلب شديد في نوم طفلي. كان يستيقظ ليجري يلعب ولا يرضى ابداً أن ينام غير بعد ساعتين ل اربع او ست ساعات من اللعب! كانت فترة متعبة لي وزوجي، كنا نتخبط ولا نعرف ما نفعل،، كثيرا كان زوجي يحمل طفلي ويمشي به في ارجاء المنزل حتى ينام، او يأخذه في كرسي السيارة السادسة صباحا ليأتي به نائم! طالت فترة تقلب النوم لمدة شهر ونصف، ومع انه لم يعد يطلب الرضاعة الا قليلا جدا(نتخطاها بالإلهاء)، الا أن تأثير الفطام ظهر في هذا التقلب في النوم.

حتى اننا لم نعرف ماذا نفعل وفكرنا أن نساعده ينام في غرفته حتى لا يصحو من حركتنا بجانبه في السرير! ولكن كان يستيقظ خائفا ويأتي لنا للغرفة.

جربنا أن نغلق الأنوار ولكنه كان يجلب كرسيه الصغير ويقف عليه حتى يشغله.

ولكن الحقيقة أن الحل هو ببساطة أن ما بعد الفطام يأتي بأشياء مختلفة قد تكون تحديا كبيرا لكم، وغالبا ليس لها حل إلا الإنتظار حتى تمر تلك المرحلة بسلام.
وهذا ما حدث بعد شهر ونصف، سافرت أنا وطفلي مع أسرتي وعاد لينام بجانبي، وبدأ يتعود أنه يستطيع أن ينام بعد أن يصحو وهو في حضني، وأن يطلب أن يشرب الماء ثم يعود للنوم في حضني.. أحيانا أغني أو أقرأ القرآن، او اهمهم.. واحيانا اسكت فقط وانا أضمه بحنان.

بعد مرور هذة الفترة أستطيع أن أقول أن كل مرحلة يمر بها الطفل ليست بسيطة، وكما اشرت أن الحلول أحيانا تكون في هيئة صبر وإنتظار حتى تنتهي هذة المرحلة.. صبر وانتظار بتفهم وتقبل وحب، مع السعي والتفكير ومحاولة الا نتوتر كثيرا حتى لا تصعب الأمور علينا وعليهم.

ولكي تتفادي هذا الخطأ تحديدا، قالت لي صديقة اننا نجعل الطفل ينام متأخرا في الليل وهو متعب من اللعب حتى لا يصحوا في المنتصف ويستكمل نومه للنهار.

نصائح هامة في الفطام:

لا تستعجلي الفطام واصبري عليه

درجي الفطام بأريحية

لينام نوما طويلا ليلا بدون استيقاظ، تنصح دكتور شروق الهيتمي بتركهم ينامو متأخرا 
.
تقبلي أن كل مرحلة بها صعاب، ولكن تختلف درجات الصعاب من شخص لأخر

من الأفضل أن لا تعطيه لبن في وسط الليل حتى لا يسبب التسوس

اشركي أسرتك وزوجك معك ولا تقضي ليلة وحدك في المنزل في هذة المرحلة

لا تنتقديه او تقسي عليه مهما حدث (ولو حدث حاولي الا تكرريها)

لا تحقري من الرضاعة او من شعوره

احتوي مشاعره ولا تقللي منها

تهربي منها بأن لا تذكريها، وعندما يذكرها هو غيري الموضوع كأنه لم يتكلم عنها
استخدمي وسيلة التربية الإيجابية 
distract and redirect
الهي ووجهيه لشيء آخر


تعافي جسدك:
بعض النصائح المهمة مثل شرب المريمية ووضع ورق كرنب على صدرك (ليخفف امتلاءه) والاستحمام كثيرا.. ويمكنك التعصير الخفيف جدا فقط اذا شعرتي بتحجر شديد.

ملحوظة هامة:
أنا لم أكن متشددة في وقت فطامه، كان من الممكن أن أصبر عليه شهور واتوقف فترة لأعود من جديد إن وجدته غير مستعد نفسيا. لن أجبره على شيء، لأن ما جعلني اصبر لعامين سيعينني أن اصبر شهرين او خمسة. 

الصبر مع طفلك: لا تختمي هذة الفترة المليئة بالفرحة والشغف والحنان والطمأنينة، بصدمة عاطفية ونفسية معه من إستعجال وفطام مفاجيء ومُر وغيره من أشياء.

 والأهم لا تجعلي تجربتي نموذج لكي تمشين عليه، أنا مجرد أحاول أن أشرح لكي تجربتي لتتعلمي منها كما تعلمت أنا من تجارب الآخرين.

الضغط النفسي
كنت اشعر بالضيق انني سأفطه، وسأفتقد تلك اليد التي تتشبث بيدي وتلعب بها، وهذا الحضن الدافيء، وهذة الغمزات والمعاكسة التي نفعلها اثناء الرضاعة.
ومع هذا واجهت اشياء متناقضة ممن حولي،
مرة يقولوا لي افصليه في سريره
ومرة لسة ماكملش سنتين
ومرة حرام عليكي
واشياء كانت تزيد عليا ضغط الفطام
لم اعرف هل اعود الى الخلف بعد كل هذا التقدم بسبب تأنيب الضمير ام استمر؟!

وفي النهاية اكرمني الله بأن علمت أنني فطمت ابني في يوم ميلاده الهجري!! يوم اتمامه عامين هجريا وكذلك اتبعت السنة بفضل الله و كرمه 

من المقالات التي أفادتني جدا هي مقالة دكتور شروق الهيتمي اخصائية الرضاعة، وستجدونها في هذا الرابط: اضغط هنا

وكذلك مجموعة مريمية لدعم الأمومة الطبيعية
اضغط هنا


>> لا يفوتك مناسبة فطرة مامي الأولى على أرض الواقع.. "قاعدة أمهات" .. اضغط هنا

سعدت بوجودك في المدونة :)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البركة في وقت الأم

اختياراتنا لكتب للأطفال ودور نشر في معرض الكتاب ٢٠١٩