التعليم المنزلي

أحب المونتيسوري ولست منهم .. Why does the Montessori method work with some kids but not all?





السلام عليكم


منذ فترة طويلة وأنا اعرف أن هناك نظام يدرس في بعض الحضانات اسمه المونتيسوري، ولكنني لم أعلم ماهيته الحقيقية الا منذ حوالي عامين. لفتتني الأنشطة التي تُعرض في تطبيق بينترست، وجذبتني التدوينات الأجنبية وأيضا بعض المدونات العربية للآمهات اللاتي تطبقن منهج مونتيسوري مع أولادهن أو طلابهن. ولذلك قررت أن استفيض في معرفتي واقرأ لصاحبة هذا النظام المميز مارية مونتيسوري. احببت فلسفة هذا المنهج جدا واردت أن استكمل هذا البحر من المعرفة من خلال كورس يشرح لي المنهج عمليا، بدأت بكورس اونلاين مع احد السيدات ممن لا تعرفن روح المونتيسوري وماهيته الحقيقية، ولا تفهم التربية بقلبها وفطرتها ولكن تعرض مجموعة من المعلومات المتضاربة عن التربية، لم استطع أن اتحمل واردت أن انصحها ولكنها لم تقبل. ولذلك قررت في نفسي انني لن اتبع احد يريد الشهرة والانتشار تحت مُسمى المونتيسوري، وسوف ااخذ معلومات فقط من مصادر موثوقة. وبعد ذلك بدأت كورس على ارض الواقع مع مروة رخا. هذا الكورس جعلني اربط حلقات كثيرة مفقودة ببعض، افهم اكثر عن مراحل الطفل العمرية ونموه وايضا ماهية مونتيسوري العملية. وبعد اتمام هذا الكورس شعرت أن الاحجية قد حلت، وانني الان بت مدركة تماما هذا المنهج فلسفة وتطبيق.

من اول ولادة ابني صالح ونحن نمضي وقتنا سويا في اشياء تفيده وتفيد علاقتنا العاطفية والنفسية والصحية، وكذلك وقته لا يمر في اي شاشات، واحاول ان اسليه بأشياء ممتعة ومفيدة. حاولت كثيرا ان انفذ الكثير من انشطة المونتيسوري، ولكن اغلبها لم يجذبه. كنت اقول لنفسي انها مسألة وقت وانه عندما يكبر سوف يحبها. 
سمعت مرة احدى مدربات المونتيسوري تقول أن هذا المنهج يناسب جميع الأطفال بلا إستثناء، وذلك جعلني اتوتر أكثر واحاول مرارا وتكرارا أن أحبب ابني في المنهج، ولكن دون جدوى. أنا اعلم جيدا أن ابني لا يشكو من شيء وان ذكائه لا يعيبه شيء، ولكن لماذا لا يقبل المونتيسوري؟ لماذا لا يحب أن ينتبه لي عند شرح النشاط ويفضل التجول في المنزل مستكشفا كل نقرة. لماذا يفضل لعبة الاختباء والدعبسة في الادراج عن اي نشاط. لماذا لا يمضى اكثر من ٥ دقائق كحد اقصى على نشاط بينما قد يقضي نصف ساعة بين الحلل في المطبخ. لما يفضل اللعب بالماء بدون اي ضوابط او العاب منمقة؟ لماذا يحب اشياءنا اكثر من اشياءه الخاصة؟ والكثير والكثير من الاسئلة.

لقد اصبحت مهوسة بمنهج صنعه شخص كبير ناضج، مهوسة به لانه لاق رواجا غير مسبوق في الاونة الاخيرة. هل لاني ارى المدونين يضعون صورا تظهر مدى انتباه اولادهم مع النشاط؟
 
ادركت الواقع مؤخرا عندما قابلت صديقتي وابنها الذي يكبر صالح ببضعة اشهر. وجدت ابني يجري من لعبة لاخرى يريد ان يلعب مع الاطفال، وابنها يجلس في تركيز وصمت بين نشاط ما ويستمر فيه ولا يمل منه ولا ينتبه الى احد. الجدير بالذكر ان صديقتي لا تمارس اي منهج او فلسفة مع ابنها، ولكنها طبيعته. هو يفضل التركيز في نشاط ما عن الركض هنا وهناك. هذا هو نمط شخصيته الذي لا يريد بعض مدربين المونتيسوري الاعتراف به.
 
المونتيسوري لا يناسب جميع الانماط.
 
في أغلب الأحيان ارى نفسي في طفلي، كنت تلك الطفلة العاشقة للحرية، التي تقرر من نفسها انها لا تريد التركيز مع المدرسة وتفضل ان تلعب بالأقلام وترسم في كتاب المدرسة، منتظرة جرس الفسحة لتلعب مع الصبيان بالكرة.
ارى فيه كرهي للتقيد، حبي للتغيير المستمر الذي هو اقرب للعشوائية احيانا، حب الحركة من مكان إلى أخر بحثا عن المتعة والتشويق و الإحساس بأن لا شيء لا أستطيع أن افعله. حب الناس والتواجد بينهم. سريعة الملل، عاشقة للعلاقات الاجتماعية. أكره القواعد اكثر من أي شيء واحب كل شيء ان يكون عفوي وغير معد مسبقا
 
هناك الكثير من الألعاب التي يحبها ابني، مثل بناء المكعبات و نقل الماء بحرية في الحمام وكذلك نقل نواشف او مؤكلات بدون أن اسطنعها أنا في صينية. فهو يحب أن يأخذها بنفسه ويخترع هذة اللعبة بنفسه ويقضي فيها وقت طويل بتركيز. كنت في مركز مع أطفال أخرين وكان من المفترض ان ينقل ابني بعض الحبوب من وعاء لأخر بمعلقة، ولكن ابني ذو العام ونصف الذي يعرف جيداً كيف يستخدم المعلقة بل ويأكل بها من قبل أن يكمل عامه الأول، أبى أن ينفذ النشاط كما يحلو لنا، وكان ينقلهم بأصابعه، ولكني أنا والمشرفة أخطئنا حين أردنا أكثر من مرة أن يغير طريقة لعبه! أتسائل لماذا ندعو للتعليم المنزلي كبوابة لحرية التعليم ومع ذلك نريد أن نحصره في منهج مونتيسوري أو غيره؟!
 
لا أعلم لماذا الكثير من متبني منهج المونتيسوري او المنبهرين به يظنون أنه منهج مقدس يناسب جميع الاطفال، مع انهم انفسهم من يروجون ويدعون المدارس للتغيير من اسلوب التعليم.التعليم الذي لا يعطي لكل طفل منهج مناسب لنوع شخصيته، مدارس تريد تشكيل عقول الأطفال لجعلها جميعها بنفس الشكل والنمط. كذلك المونتيسوري اسلوب لا يناسب جميع الاطفال بالضرورة حتى لو كان اسلوبا متميزا كما هو بطبيعة الحال. وعلى الرغم من ذلك ف هناك ما يناسب جميع الأطفال في المونتيسوري وهو فلسفته الثورية وفهمه لطبيعة الطفل.
 
كلما قرأت في كتب مارية مونتيسوري، كلما ادركت كم أن هؤلاء المدربات بعيدين جدا عن الفلسفة، وأنهن مهما اخذن شهادات، فلا يعرفن منطق وحكمة هذة السيدة العظيمة.
 
لقد قالت مارية مونتيسوري مرارا وتكرار أن أهم طريقة لتعليم الطفل هي من خلال التجربة والاحتكاك المباشر ببيئته والطبيعة من حوله، اعطائه الحرية للتجربة وتصحيح خطأه بنفسه. وأن مراقبة الطفل في صمت من اهم الطرق لفهمه ومعرفة كيفية التعامل معه حسب شخصيته، وبناء على ذلك اكون قادرة على مساعدته لتنمية عقله وحواسه بالطريقة التي تتناسب معه. فالطفل مثل الكبير لديه مدخل خاص، وكلما كبر تتبلور ميوله ومدخله حسب خبراته الحياتية.
 
تقول مونتيسوري: 
And so we discovered that education is not something which the teacher does, but that it is a natural process which develops spontaneously in the human being. It is not acquired by listening to words, but in virtue of experiences in which the child acts on his environment.
 
الأهم من السعي وراء تنفيذ أنشطة مونتيسوري والضغط على الطفل للجلوس على سجادة العمل إن لم يُرد، هي فلسفتها. منطق مونتيسوري التي تفتقر إليها أغلب الامهات اللاتي يسعن إلي تنفيذ الانشطة وهم يحبسون اطفالهن بين الجدران طوال ايام الاسبوع، بالاضافة الى عدم رغبتهن في إرسالهم للمدارس حتى للتنفس؟! اليس هذا بتناقض بغيض؟!
تتكلم مونتيسوري و”بتهادي” كثيرا عن ترك الطفل يستقل بنفسه في البيئة وأن لا نعتبر الطبيعة وحش نخاف منه ومن جراثيمه! بل نترك اطفالنا احرارا، وأن اهم تعليم نستطيع أن نعطيه لهن هو التعلم الطبيعي الذي سيأخذ مجراه سواء شئنا أم ابينا، فقط إن لم نحبس اطفاللنا في كراسي وعربات ومشايات وغيرها من عوائق حركية وايضا فكرية!
 
أنا تعلمت ومازلت اتعلم من فلسفة مونتيسوري ومن بعض انشطتها ويوجد بعض الاشياء والضوابط التي التزم بها بنسبة كبيرة في منهج المونتيسوري، مثل الفترات الحساسة وفصل الخواص، وتفضيل المواد الطبيعية عن البلاستيكية، الارفف، عدم تشتيت الطفل والصمت عند التركيز، وضع العاب قليلة في الارفف، ولا نلعب بالكثير من الالعاب في وقت واحد.. وغيرها من : المباديء التي لخصتها هنا في هذة المقالة: أهم اسس منهج مونتيسوري

ولكني ايضا لا اتزمت في أمور مثل عدم التحدث والتعليق بأي شيء أثناء كل نشاط. احيانا كثيرا جدا يطلب ابني مني التشجيع ويبدأ هو بالتصفيق لنفسه، فهل اصمت لكي التزم بمنهج مونتيسوري؟! عندما يريد عمل نشاط ما في مكان ما، هل اجذبها نحوي لأضعها فوق السجادة وافصله عن تركيزه،. هل علي أن اعيد ترتيب ما قد يراه البعض “هرجلة” وهو في الواقع ترتيب يفعله ابني بألعابه حتى يتعلم النظام؟!

كلما كبر ابني كلما عرفت ملامح طريقنا، طريق مليء بالرمال والصخر والبحر والهواء.. طريق لا يصبغه شيء سوى الحرية 🙂


لمتابعة الجروب عالفيسبوك
 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقال اكثر من رائع
    و تفوقتى على نفسك فى التعبير عن كل حاجة الواحد عايز يقولها ولم تسعفه الكلمات
    شكراااا

  2. و بردو من الأشياء التى لا تناسبنا و بالتالى لا تتطلب التزمت فى تنفيذها هو صبر الطفل و التزامه بالمشاهدة فقط لعرض النشاط قبل التدهل منه او اعطائه اشارة البدء
    انا بنتى مستحيل اصلا تسيب الحاجة اكتر من 3 ثوانى و بتبقى عايزة تدخل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى